في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها الشعب اليمني بسبب الحرب والفقر والجوع، تظهر قصص إنسانية مؤثرة تبرز معاناة المواطنين وتحفز على التضامن والتكافل بينهم. إحدى هذه القصص هي قصة بائع الماء المتجول محمد الشماع، الذي أثار تعاطف الكثيرين بعد ظهوره في فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يروي معاناته.
محمد الشماع هو شاب في الـ 27 من عمره، يعمل بائعاً متجولاً للماء في صنعاء، ويعول أسرة مكونة من والدته وإخوته. إنه يتنقل بين الأحياء والشوارع ليبيع الماء، يبيع كل زجاجة بسعر 50 ريالا (0.08 دولار)، ولا يجني من هذا المهنة سوى 1000 ريال (1.6 دولار) في اليوم الواحد، وهو مبلغ زهيد لا يكفي لتغطية احتياجات عائلته الأساسية.
نشر محمد فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي قال فيه إنه متواجد في الشوارع لبيع الماء في أي وقت، حتى في أيام العطل والأعياد، دفع ذلك أحد الناشطين إلى التوجه إليه وإجراء لقاء معه.
في فيديو اللقاء الذي انتشر على مواقع التواصل، يظهر محمد الشماع وهو يتحدث عن حالته، ويقول أن والده توفي وإن إخوته لا يدرسون لأنه لا يملك المال لتعليمهم، وهو يتمنى أن يراهم يدرسون. وأضاف أنه يبدو دائماً مبتسماً، لكن لا أحد غير الله يعلم بحالته ومعاناته ولا يشتكي إلا إلى الله.
إثر انتشار هذا الفيديو، تفاعل الكثير من الناس والنشطاء على مواقع التواصل، وأطلقوا حملة تبرعات لمساعدته، جمعت هذه الحملة خلال أيام قليلة أكثر من 3 ملايين ريال يمني (حوالي 6 آلاف دولار أمريكي). كما أطلقت حملة أخرى لجمع تكاليف زواجه وفتح مشروع له كي يعيل نفسه وأسرته.
ليس هذا فقط، العديد من المحلات التجارية والشركات في اليمن توجهت إلى البائع وقدمت له الهدايا كتعبير عن التضامن، إحدى الشركات المتخصصة في إنتاج وتعبئة المياه زارته وقدمت له الكثير من عبوات الماء ليبيعها.
الآن، يستعد محمد لفتح مشروع محل بقالة، وقال على صفحته في فيسبوك إنه بدأ يبحث عن مكان لهذا المتجر.
محمد الشماع هو رمز للصبر والكفاح والعزيمة في وجه الظروف القاسية التي يواجهها الشعب اليمني. قصته هي مثال على التكاتف والتعاون والإحسان بين أبناء الوطن في زمن الشدة. نأمل أن تنتهي هذه الشدة قريباً، وأن يعود الأمن والسلام والاستقرار إلى اليمن، وأن يحظى محمد الشماع وجميع اليمنيين بحياة كريمة تليق بهم.