إن خليت خربت

السينما للجميع: مبادرة لبنانية تعرض أفلاماً بالوصف الصوتي للمكفوفين

في ظل الأزمات التي تعصف بلبنان، تظهر مبادرات ثقافية وفنية تحاول إضاءة شعاع من الأمل والحياة في وجه اليأس. إحدى هذه المبادرات هي “أسبوع سينما المكفوفين”، الذي نظمته جمعية “تيرو للفنون” و “مسرح إسطنبولي” في “المسرح الوطني اللبناني المجاني” بمدينة طرابلس شمال لبنان اعتباراً من 22 آب/أغسطس 2023.

هذا الحدث، الذي يحمل شعار “السينما للجميع”، عرض مجموعة من الأفلام القصيرة بالوصف الصوتي، التي تتيح للمكفوفين وضعاف البصر فهم المشاهد وعناصرها وحركتها دون الحاجة إلى رؤيتها.

هذه المبادرة، التي تعد الأولى من نوعها في لبنان، لاقت استحساناً وإقبالاً من قبل هذه الشريحة من المجتمع، التي تعاني من التهميش والإقصاء في مجالات عديدة.

المخرج والمؤسس المشارك للمسرح الوطني اللبناني قاسم إسطنبولي قال في حديث لإحدى المواقع الإخبارية: “هذه التجربة تأتي في إطار رؤية المسرح بأن يكون مساحة حرة وشاملة لكل فئات المجتمع، وأن يكون الفن حقاً للجميع”.

وأضاف: “الهدف من هذه المبادرة هو منح الأشخاص المكفوفين فرصة للاستمتاع بالأفلام السينمائية، وتشجيعهم على المشاركة في الحياة الثقافية والفنية”.

إسطنبولي قال أيضاً أن المسرح يخطط قريباً لتنظيم “أسبوع سينما الصم”، بالتعاون مع جمعية رعاية الصم في لبنان.

ولفت إسطنبولي إلى أن الأفلام التي تم عرضها خلال أسبوع سينما المكفوفين اختيرت بعناية، لتتضمن موضوعات مختلفة، مثل الحروب واللاجئين والطفولة والحب والإبداع، وأن كل هذه الأفلام كانت مصحوبة بتعليق صوتي احترافي يصف كل تفاصيل المشاهد بشكلٍ واضح ودقيق. كما قال أن الأفلام كانت من بلدان مختلفة، مثل فرنسا وإسبانيا وإيران والمغرب والأردن ولبنان، لتعكس تنوع الثقافات والتجارب.

بالإضافة إلى عروض الأفلام، شارك الحضور في ورشة تدريبية تفاعلية تحت إشراف المخرجة والمدربة ميرنا سركيس، التي قدمت لهم معلومات عن مفاهيم وأساليب السينما والتمثيل. وقالت سركيس في حديث لإحدى الصحف: “الورشة كانت فرصة للتعرف على مواهب وإمكانيات هذه الفئة، ولتحفيزهم على التعبير عن أنفسهم بحرية وثقة”. وأضافت: “الورشة كانت تتميز بالبهجة والرضا، والحضور أظهروا حماساً وإبداعاً في أداء المشاهد التي طلب منهم أدائها”.

الشاب الكفيف عمر الشريف، وهو أحد المشاركين في الورشة، عبر عن سعادته بالتجربة قائلاً: “هذه المرة الأولى التي أدعى فيها إلى حدث كهذا، ما شجعني على القدوم والتعرف على كيفية عرض فيلم بوصف صوتي للأشخاص المكفوفين”. وأضاف: “استمتعت بالورشة التدريبية التي أعطتني فكرة عن السينما والتمثيل وساعدتني على تطوير مهاراتي في التواصل والتعامل مع الآخرين”.

لقي أسبوع سينما المكفوفين إشادة من قبل الجهات المانحة والداعمة للمسرح الوطني اللبناني، مثل “صندوق دعم المجتمع المدني”، الذي يموله الاتحاد الأوروبي، و “برنامج التطوير المستديم” الذي تموله الأمم المتحدة. كما نال استحساناً وإشادة من قبل وسائل الإعلام المحلية والعربية، التي رصدت هذه التجربة الفريدة من نوعها في لبنان.

يمكن القول إن أسبوع سينما المكفوفين في طرابلس هو مثال على دور الفن في تغيير حياة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وإشراكهم في المجتمع بصورة إيجابية. كما أنه شهادة تثبت قدرة لبنان على التحدي والابتكار رغم كل الصعاب التي يواجهها.

إن أعجبك أي مقال وترغب بالمساعدة، يمكنك التواصل مع العديد من الجمعيات الخيرية في الوطن العربي

 دنيا حلوة لاتتحمل أي مسؤولية عن هذه الجمعيات وينصح التأكد قبل التبرع لأي منها 

المزيد من القصص

Scroll to Top