في زمن الأزمة الاقتصادية والصحية التي يعاني منها لبنان، تبرز قصص إنسانية ملهمة لأشخاص يحاولون مساعدة الآخرين بكل ما في وسعهم. إحدى هذه القصص هي قصة الدكتورة بشرى دبج، المتخصصة في الطب العام والأطفال، والتي تشتهر بلقب “أم الفقراء” في مدينة الميناء الساحلية القريبة من طرابلس.
بشرى هي طبيبة لبنانية من أصل سوري، تحمل الجنسيتين السورية واللبنانية. انتقلت إلى لبنان منذ نحو 44 عاماً، وهناك بدأت مسيرتها المهنية. فتحت عيادتها في عام 1983، ومنذ ذلك الحين وهي تقدم خدماتها الطبية للمرضى بأسعارٍ رمزية أو مجاناً. كما تحاول تأمين الدواء لهم من خلال علاقاتها أو التبرعات التي تتلقاها من بعض الجهات والشركات. وتستخدم رسوم الكشف التي تحصل عليها في دفع نفقات العيادة بما في ذلك راتب مساعدتها، ولم تجدد عيادتها منذ أن افتتحتها لأنها تفضل توفير المال لمرضاها.
تلقب بشرى بأم الفقراء لأنها تعامل المرضى بحنان وإخلاص، وتولي اهتماماً خاصاً للفئات الأكثر حاجةً وضعفاً. وتقول إن رسالتها هي “الوقوف مع العالم”، خصوصاً في هذه الفترة التي يشهد فيها لبنان انهياراً اقتصادياً واسع النطاق، أدى إلى فقدان قيمة العملة المحلية وارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية والأدوية.
تقول بشرى: “في ناس معاشاتهم مليونين ليرة لبنانية بالشهر، يعني حوالي 21 دولار حسب سعر الصرف، وفيه ناس مليون ونص ليرة، ما حيقدروا يشتروا ولا حبة دواء، البنادول حقه 700 ألف ليرة، وعلبة الحليب حقها 800 ألف ليرة، أنا قلت إذا بتضل كشفيتي قليلة بساعدهم ليقدروا يشتروا الأدوية، وعندي المراجعة مجانية ما باخد شي أبداً”.
تستقبل بشرى المرضى في عيادتها التي تعج بالزوار من جميع أنحاء لبنان وليس فقط من مدينة الميناء. وتقول إنها تفحص حوالي 100 مريض في اليوم، وأحياناً 150. وتضيف: “المرضى عم يجو من كل الأماكن، من صور، من صيدا، من بعلبك، من زحلة، من كل الأماكن”. وتؤكد أنها تستمر كل يوم في العمل حتى تنتهي من فحص جميع المرضى.
رغم الأزمة التي تمر فيها لبنان، عبرت بشرى عن أملها في أن تتحسن الأوضاع، وأن تستطيع الحكومة تأمين الخدمات الأساسية للشعب.
بشرى دبج هي مثال لطبيبة تضع مصلحة المرضى فوق كل اعتبار، وتسعى لمعالجة آلامهم ومعاناتهم بكل ما تملك من قدرات. إنها تستحق لقب “أم الفقراء” بجدارة لأنها تعامل المرضى بكرامة وإحسان، وتثبت أن الطب هو عمل إنساني قبل أن يكون مهنة.